أهمية زيت الزيتون

يتميز زيت الزيتون عن غيره من أنواع الزيوت النباتية في طريقة استخلاصه وإنتاجه، فهو الزيت الوحيد الذي يتم إنتاجه بطريقة العصر الميكانيكي البارد، دون تعريض حبات الزيتون لحرارة عالية، ودون استعمال المواد الكيميائية التي تستعمل في عمليات إنتاج الزيوت الأخرى، كما أنه لا يتعرض لعمليات تنقية وتكرير، كما هو الحال في الزيوت النباتية الأخرى، مما يجعل الزيت مصدرًا مهماً للمركبات النبايتة الطبيعية، ومن أهمها مانعات التأكسد، الموجودة في حبات الزيتون، والتي أثبت العلم أهميتها وفائدتها لصحة الإنسان.

وتنبع الأهمية الصحية لزيت الزيتون من احتوائه على نوعين من المركبات العضوية الطبيعية، التي يمكن تقسيمها إلى مجموعتين هما: العناصر الغذائية، والمركبات العضوية غير الغذائية.

العناصر الغذائية في زيت الزيتون
الأحماض الدهنية

ومن أهمها الحمض الدهني أحادي اللاإشباع، والمعروف ب حمض الأولييك، وهو الحمض الدهني الذي يميز زيت الزيتون غن غيره من أنوع الزيوت النباتية، حيث يتميز زيت 85 % من مجموع - الزيتون بارتفاع محتواه من هذا الحمض الدهني وبنسبة تتراوح ما بين 55 الأحماض الدهنية فيه. وتبرز أهمية هذا الحمض الدهني، كما أشارت نتائج العديد من الدراسات، من دوره في حماية كوليسترول الدم من التأكسد بسبب قلة الروابط الكربونية غير المشبعة، كما اشارت إحدى الدراسات مؤخرًا إلى قدرة هذا الحمض الدهني على منع تشكل الخلايا السرطانية بشكل ،(%11- مباشر.

ويحتوي زيت الزيتون على نسبة جيدة من الحمض الدهني الأساسي اللينولييك وهو حمض دهني لا يستطيع الجسم إنتاجه بكميات كافيةويتوجب الحصول عليه من مصادر غذائية.

الفيتامينات الذائبة في الدهن

وأهمها فيتامين ه: وهو الفيتامين الأهم والأكثر تواجداً في زيت الزيتون، ولئن تواجد هذا الفيتامين بكميات متدنية في زيت الزيتون( 12.4 ملغم/ 100 غم) بالمقارنة مع أنواع أخرى من الزيتون النباتية، مثل زيت دوار الشمس، إلا أنه يتميز بوفرته الحيوية العالية نظرًا لاحتواء زيت الزيتون على كميات متدنية نسبياً من الأحماض الدهنية عديدة اللاإشباع وانخفاض عدد الروابط الكربونية غير المشبعة، ولارتفاع محتواه من الحمض الدهني أحادي اللاإشباع.

وتنبع أهمية فيتامين ه من دوره كمانع قوي لتاكسد الخلايا بفعل الجذور الحرة الضارة والتي يعتقد أنها المسبب الرئيس للسرطان، كما يقوم هذا الفيتامين بدور مهم في حماية القلب والشرايين من المركبات الضارة الناتجة عن تأكسد الكوليسترول في الدم والتي يعزى إليها التسبب في انسداد الشرايين وحدوث الجلطة ، وأخيرا فإن الكثير من الدراسات اظهرت دور هذا العنصر الغذائي في منع حصول أعراض الشيخوخة والهرم، وفي المحافظة على نضارة البشرة ومنع تجعدها.

المركبات العضوية غير الغذائية

وهي تمثل المركبات الوظيفية ذات التاثيرات الصحية المهمة، وهي على نوعين: المركبات العضوية الفينولية، والمركبات العضوية غير الفينولية، وهذه المركبات هي مركبات غير دهنية في أصلها، اي أنها لا تتكون من أحماض دهنية، ولكنها موجودة جنباً إلى جنب مع المادة الزيتية أو الدهنية في زيت الزيتون، وهذه المركبات غير الدهنية تشمل مركبات صبغية، أي ذات ألوان مميزة، وهي المسؤولة عن اللون الخاص بزيت الزيتون البكر الجديد، وأهمها الكلوروفيل والفيوفايتين والكاروتينات.

المركبات الفينولية

ويتميز زيت الزيتون باحتوائه على كميات معتبرة من المركبات الفينولية والتي يصل عددها إلى ثلاثين مادة، ويبلغ متوسط محتواها في زيت الزيتون البكر إلى 500 ملغم/لتر، ومن أهمها: التيروسول والهيدروكسي تايروسول، وهي مركبات ذات تأثير قوي وفعال كمانعات للتأكسد، وكذلك مركب الأوليوروبين، وهو المركب المسؤول عن الطعم المر في الزيتون، وقد أثبتت الدراسات أهمية هذا المركب كمانع قوي للتأكسد ومانع للالتهاب. وتقوم المركبات الفينولية المانعة للتأكسد هذه بالعديد من الوظائف الحيوية والفسيولوجية النافعة لصحة الجسم، ومنها: منع تأكسد الكوليسترول قليل الكثافة في الدم والذي تساهم أكسدته في انسداد الشرايين وحصول الجلطة ، والتقليل من محتوى  هذا الكوليستورل في الدم وزيادة قدرة الخلايا المناعية على مقاومة الأجسام الغريبة، ومنع تحطم المادة ومن َثم منع حصول السرطان، وكذلك منع نمو الخلايا البكتيرية الوراثية في الخلايا الحيية الضارة، والتخفيف من ارتفاع ضغط الدم.

المركبات غير الفينولية

ومن أهم المركبات العضوية غير الفينولية مركب السكوالين، ويتواجد في 700 ملغم/لتر. ولعل من أبرز وأهم - زيت الزيتون البكر بكميات عالية تتراوح ما بين 300 الظائف الحيوية التي يقوم بها مركب السكوالين هو تثبيط الهرمون المسؤول عن تصنيع الكوليسترول ودفعه إلى الدم، ومن ثم فهو يشكل عامل وقاية ضد تطور حصول انسداد الشرايين وتكون الجلطة، كما أنه يسهم بشكل فعال في منع حصول السرطان.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى سبق قرآني كبير وإعجاز رباني مذهل، ففي قوله تعالى:وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ " إشارة إلى وجود نوعين من المركبات التي تنتجها شجرة الزيتون المباركة وهما: المركبات الدهنية أو الزيتية، والتي عبر القرآن الكريم عنها بكلمة:" الدُّهْنِ"، والمركبات الصبغية غير الدهنية،وهي المركبات العضوية الفينولية وغير الفينولية، والتي عبر عنها بقول جل من قائل بكلمة:"صِبْغٍ"، وأبان أن كلا الجزءين هما "لِلآكِلِينَ"، وهو ما يحصل فعلاً، إذ إن زيت الزيتون يؤكل كاملاً بعد عصره، وذلك بخلاف أنواع الزيوت النباتية الأخرى التي تتم فيها عمليات تصفية وتنقية لفصل المادة الزيتية عن جميع المواد العضوية الأخرى الموجودة في الزيت الخام الناتج عن عملية العصر. وقد دل وجود حرف الواو بين كلمتي "صِبْغٍ" و "دُّهْنِ"، وهو حرف عطف يفيد المخالفة، إلى اختلاف نوع مادة "الدهن" عن نوع مادة "الصبغ"، وهذه حقيقة علمية مقررة أثبتها العلم الحديث.

وأخيرًا، فلابد لنا عند الحديث عن أهمية زيت الزيتون وتميزه عن غيره من أنواع الزيوت النباتية الأخرى، من الإشارة إلى التركيبة المتميزة والتوليفة الفريدة التي خص الله عز وجل بها زيت الزيتون، من حيث احتوائه على نسب متوازنة ومتناسبة من الأحماض الدهنية وفيتامين ه والمركبات العضوية غير الغذائية كالبوليفينولات وغيرها من المركبات العضوية النافعة للصحة، التي تجعل من الزيت برمته منظومة متناسقة متناغمة من المركبات العضوية الطبيعية أودع الله عزوجل فيها سر الغذاء والشفاء، فليست الأهمية نابعة فقط فقط من احتوائه على كمايات كبيرة من حمض الأولييك، إذ إن هنالك زيوتاً أخرى تحتوي على كميات أكبر من هذا الحمض الدهني مثل زيت بذور الشاي، وليست نابعة كذلك من احتوائه على كمية من فيتامين ه، فهنالك من الزيوت ما يفوق محتواها من هذا الفيتامين عما هو موجود في زيت.