اللبن من الأغذية العلاجية وأهميته تفوق الأجبان المستوردة

ينتشر اللبن المتخمر في شتى البلدان العربية على الخصوص، ويتم الحصول عليه بالطريقة التقليدية العتيدة التالية:

يفرغ الحليب الطازج بعد الحلب في آنية من خزف أو معدن، ثم تسد هذه بقماش أو بأي شيء يمكن أن يغطيها، وتترك هذه الآنية في ركن من الأفضل أن يكون دافئا حتى يتجبن تلقائيا، وقد تستغرق العملية من يومين إلى ثلاثة أيام حسب الحرارة العادية التي يتم تحتها التخمر، بعد التجبن يصبح اللبن الرائب جاهزا للاستهلاك. فيتم تناوله بكله دون إزالة القشدة. ويظهر اللبن على شكل متماسك ولزج  ذو خثارة عديمة القوام، وحموضة عالية أو متوسطة، إذ يصل تركيز أيون الهايدروجين إلى حد أدناه  4.5.

بينت الأبحاث التي أجريناها على هذا المنتوج، أن أنواع الجراثيم المسببة للخثارة أو التخمر هذا اللبن لا تختلف كثيرا باختلاف البلدان. وذلك حسب المعلومات التي تتوفر لدينا، إذ أن اللبن الرائب المصري يحتوي على الأنواع التالية:

  • Leuconostoc dextranicum
  • Leuconostoc    cremoris
  • Leuconostoc citrovorum
  • Lactococcus lactis 

بينما يقل أو تنعدم أنواع   .Lactobacillus أما اللبن الرائب  فيحتوي على الأنواع التالية :  Lactococcus lactis 

وقد توجد أنواع لصنف  Lactobacillus. ورغم أن بعض الباحثين لم يعثروا على هذه الباكتيرا فإن دورها في التخمر لا يمكن أن نتجاهله، وخصائص نوع Lactobacillus لديها خاصيات علاجية هائلة وهي المسؤولة عن خصائص ما يسمى ب probioltic.

وتتم صناعة اللبن المتخمر بإفراغ اللبن الرائب السالف الذكر في قربة من جلد العنز أو الغنم ثم ينفخ فيها كي يسهل الخض، ويربط فمها بخيط كي لا يخرج الهواء ويخض لمدة تتراوح بين 30 إلى 70 د تقريبا بعدما تعلق القربة على ثلاثة أعمدة. وتستمر عملية الخض إلى أن تظهر حبات الزبد عائمة على سطح اللبن، حيث يضاف قليل من الماء البارد لتسهل عملية جمع الزبد باليد، أو كما يعمد بعض الناس إلى ترشيح محتوى القربة على قماش لاستخراج جميع الزبدة الموجودة فيه.

يكون لبن الخض غالبا شديد الحموضية. ونجد كذلك وصفا دقيقا من طرف الباحثين المصرين حول لبن الخض في مصر، والذي يختلف باختلاف الفصول، إذ أنه يصبح لبن الزير في فصل الصيف ويفصل الشرش ليستهلك كجبن. أما الأنواع التي  تم العثور عليها في اللبن التقليدي المغربي فهي  Lactococcus  diacetylactis, Leuconostoc lactis وكذلك أنواع Leu. lactis و Leuconostoc cremoris بينما تقل أنواع الجنس Lactobacillus والتي لا تزال الأبحاث قائمة في شأنها وتنقسم الأنواع اللبنية التي وجدت في لبن الخض المصري إلى مجموعة شتائية L. lactis Leu. citovorum dextranicum  Leu.   وأخرى صيفية وتضم كل من   L. casei, L. brevis L. plantarum.

تتحول مكونات الحليب أثناء التخمر إلى مكونات بجودة غذائية عالية، وتظهر بروتينات خفيفة وبيبتيدات تلعب دور الوقاية والعلاج أكثرما تلعب دور التغذية، ويحتوي الحليب على بروتينات ضخمة غير ذائبة مثل الكازيين، وبروتينات أخرى ذائبة وخفيفة أو صغيرة الوزن وهي المكونات التي يصيبها بعض التحلل لتعطي البيبتيدات النشطة التي تدخل في النظام المناعي للجسم. 

 ويتحول سكر الحليب أو اللكتوز إلى سكريات بسيطة ومنها الكلوكوز والكلكطوز ويتحول السكر الأول أو الكلوكوز إلى حمض اللاكتيك بينما يبقى السكر الثاني في الحليب، والباكتيريا اللبنية لا تحلل الكلكطوز بل قد يلعب دور الكابح لهذه الباكتيريا إذا تجمع بكمية كبيرة تحت تأثير التخمر. 

 وكون حمض اللكتيك هو الذي يتسبب في تجلط الحليب لأن الرقم الهايدروجيني  pH   ينخفض إلى مستوى 4.6 وهو الرقم الهايدروجيني الذي يتصلب عنده بروتيين الكازيين. فيتخثر ويكون اللبن الرائب أو الخثارة، وحمض اللاكتيك مطهر للجهاز الهضمي، ومبيد لكثير من باكثيريا القولون، وهناك مكونات أخرى مضادة للبكتيريا الممرضة تنتجها البكتيريا اللبنية أثناء التخمر ويعرف حمض اللاكتيك بخاصيته المنعشة للجسم، ولذلك يعتبر لبن الخض أو اللبن المتخمر أحسن ما يمكن للإنسان أن يتناوله أتناء فصل الصيف. 

 وللبكتيريا اللبنية خاصية حل حمض الفيتيك الموجود في الحبوب، ولكي تكون الاستفادة كبيرة من الحبوب يجب أن تمزج بلبن الخض وهي وجبة اعتيادية بالمغرب حيث يعمد الناس إلى تهيئ كسكس الشعير أو الذرة خصيصل  هذه الوجبة حيث يفضل أن تكون بسميد الذرة عوض القمح وقد تكون بسميد الشعير حسب المناطق.

 وقد تساءلنا كثيرا عن أصل وطبيعة هذه الوجبة والتي تسمى بالسيكوك وعن تقدم علم التغذية عند أجدادنا وكيف توصلوا إلى هذه الوجبة، ولما وضعنا تقاربا مع علم التغذية في الإسلام وجدنا أن أصلها من التلبينة. وقد توصلنا عبر البحث العلمي إلى أهمية هذه الوجبة، وأنها وجبة صحية وحموية ومغذية للأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات. ومزج الحبوب مع لبن الخض هو الطريقة الوحيدة التي تجعل الجسم يستفيد من مكونات الإثنين، لأن البكتيريا اللبنية هي الباكتيريا الوحيدة التي تقدر على حل حمض الفيتيك الموجود في الحبوب والذي يشد الأملاح المعدنية التنائية كالحديد والمنغنيز والزنك والكلسيوم. وهي وجبة تساعد على علاج السرطان وتقي من التقرحات المعدية والإمساك وانتفاخ الأمعاء وتساعد على تجنب عسر الهضم. وتحول دون الإصابة بالأنيميا بل هي علاج الأنيميا عند النساء والأطفال. وليس هناك حمية تساعد على الحد من السمنة إلا تناول هذه الوجبة التي تغني عن اللحوم والدسم والسكريات وتحتوي على الفايتمينات والمغذيات والأملاح المعدنية.

ونوضح للذين يصابون بالإسهال لما يتناولون اللبن أو السيكوك وينزعجون وربما يرتبكون ويذهبون إلى الطبيب أن من أصابه إسهال باللبن فعليه أن يتناول اللبن ثانية وثالثة حتى ينقطع الإسهال، لأن مفعول حمض اللاكتيك أن يطهر الجسم ولما يكون الجهاز الهضمي مريضا فطبيعي أن يقع إسهال عند تناول حمض اللاكتيك. 

 ويمكن حل مشكل الأنيميا بواسطة هذه الوجبة وجبات أخرى تساعد على جعل الحديد يمتص في الجسم بطريقة صحيحة وجيدة، أما إضافة الحديد إلى الطحين والزعم أن الطريقة حديثة ومدققة ومدروسة فهو كذب وظلم، وليس هناك دراسة واحدة أجريت على دور المواد المزودة بالحديد في الحد من الأنيميا، بل على العكس هناك ظهور كوارث أخرى ترتبت عن إضافة الحديد إلى الدقيق. 

فهذه الوجبات جد مغذية وفي غاية الأهمية وتصلح لكثير من الأعراض وسهلة التحضير ومتوفرة